العشيق هرب
مسرعاً من النافذة تاركاً عشيقته لوحدها تواجه قدرها المحتوم ، اخذ كارل سلسلة
حديدية كان يربط بها الأخشاب و لفها حول عنق زوجته و أخذ يخنقها و لم يسمع حشرجة
صوتها و هي ترجوه أن يسامحها ، و ما هي إلا لحظات حتى باتت جثة هامدة ، لم يعرف
كارل ماذا يفعل ؟ فقام مذعوراً و أخرج مسدسه من الدولاب و أطلق النار على رأسه
لعله يفوق من هذا الكابوس المزعج و مات في الحال ، و بهذا أطلق كابوس سوف يلاحق
سكان بلدة بولاسكي لمدة عشر سنوات . وعندما تجمع الجيران حول المنزل و شاهدوا
الجثتين ، تم استدعاء الشرطة و التي أكدت حادثة القتل و الانتحار ، وتقرر دفن
جثامين الزوجين ، لكن أسره الزوجة المقتولة رفضت أن يتم دفن جثة أبنتهم بجانب جثة
من قتلها ، بل طالبت أن يتم دفن جثة كارل في مقبرة أخرى في ضواحي البلدة ، و هذا
ما تم فعلاً .
بعد عدة
أسابيع لاحظ الزائرون للمقبرة أن شاهد قبر كارل قد بداء يتغير لونه ( الشاهد هو
حجر يوضع على القبر) وبدأت تظهر عليه بقع بيضاء تتشكل بنمط معين مكونة شكل أشبه
بالسلسلة ، كما جفت الحشائش فوق قبره و شكلت حرف اكس ، أثار هذا الأمر الذعر بتلك
البلدة و خشي الناس أن يكون هذا الأمر علامة على غضب روح كارل عليهم ، فقررت
البلدية استبدال شاهد القبر و تغيير التراب فوق القبر ، و بهذا توقفت العلامات
الغريبة عن الظهور و بدأ الناس في نسيان تلك الحادثة الغريبة .
و في احد
الليالي المقمرة ذهب مجموعة من الصبية و تسللوا إلى المقبرة و جلسوا يتسامرون و
يقصون القصص المرعبة حول النار التي أشعلوها من بقايا الأوراق ، وأثناء ذلك قام
أحد هؤلاء الصبية و يدعى جيمس كولينس بالسخرية من قبر كارل بروت و رمى شاهد القبر
بأحجار كبيرة فتسبب بتشققه و كل هذا من أجل أن يضحك أصدقائه ، و انصرفوا لبيوتهم
دون أن يحصل لهم شيء ، و في اليوم التالي و بينما كان جيمس يلعب بدراجته الهوائية
، زادت سرعتها فجأة و فقد التوازن و السيطرة عليها و أصطدم بشجرة ، الغريب بالأمر
أن السلسلة التي تحرك الدراجة انفصلت عنها و طارت ثم التفت حول عنق جيمس فمات
مختنقاً ! ..
شكلت هذه
الحادثة الغريبة صدمة لسكان البلدة و أثارت الرعب فيهم ، و بالذات أصدقاء جيمس
الذين أكدوا أن صديقهم قد عبث بشاهد القبر و قد حطم أجزاء منه ، لكن عندما تحققوا
من قبر كارل بروت وجدوا أن شاهد القبر سليم لم يُمس بأذى ، و هذه الحادثة زادت من
خوف الناس و أصبحت أسطورة شبح كارل القاتل حديث الناس بالبلدة .
و بسبب حزنها
على فقدان ابنها بذلك الحادث الغريب ، قررت الأم المفجوعة بفقدان أبنها أن تنتقم
من شبح كارل و تدمر قبره و تنهي معاناة أهل البلدة ، فحملت فأسها و ذهبت للمقبرة و
أطفئت نار قلبها و حطمت شاهد القبر ، عادت الأم من المقبرة و بدأت بنشر الغسيل على
الحبال لكي تجف تحت أشعة الشمس ، و أثناء ذلك انزلقت قدمها فوقعت على حبال الغسيل
و بطريقة غريبة التفت الحبال حول عنقها و ماتت مختنقة .
أصابت تلك
الحادثة جيرانها بالرعب و خصوصاً أنهم قد سمعوها قبل أيام تتوعد بتحطيم قبر كارل ،
و عندما دخلوا منزلها وجدوا الفأس التي كانت قد استخدمته لتحطيم القبر و عليه أثار
غبار ذلك القبر ، و لكنهم عندما ذهبوا للمقبرة وجدوا شاهد القبر سليم لم يُمس
بأذى! .
أنتشر الرعب في
البلدة و لم يعد السكان يدفنون موتاهم بتلك المقبرة و أصبحت مهجورة ..
و في احد
الأيام بينما كان احد المزارعين عائداً من عمله في إحدى المزارع بضواحي البلدة
راكباً عربة تجرها الخيول مصطحباً زوجته و أولاده ، مر بالطريق المؤدي بالمقبرة و
هناك توقف و أخذ يحكي لأسرته قصه القبر الملعون و شبح كارل القاتل ، و بينما كان
يقص لهم حكاية ذلك القبر ، اخرج ذلك الفلاح مسدسه و أطلق عده طلقات على ذلك القبر
، فتناثرت أحجاره و أنصرف الفلاح في طريقه ، و بعد أن ابتعدوا عن المقبرة و
بدون أي مقدمات أصيبت الخيول بالذعر و انطلقت مسرعة نحو المنحدر ، حاول الفلاح
السيطرة عليها لكن دون جدوى ، مما اضطره لرمي أفراد أسرته من العربة قبل أن تصل
إلى ذلك المنحدر ، و بعد أن حضر رجال البلدة لإنقاذ الفلاح المسكين وجدوه مشنوق
بحبل متدلي من العربة و متأرجح بطرف المنحدر ، و عندما سألت الشرطة أفراد عائلته
عن ما حصل ، أجابتهم زوجه الفلاح أن زوجها سخر من شبح كارل و أطلق النار على قبره
ثم حصلت الحادثة .
و كما حصل في
الحوادث السابقة وجدت الشرطة أن قبر كارل سليم و ليس به أي ضرر ، و بسبب الرعب و
الغموض المحيط بهذا القبر ، قرر شرطيان التحقيق بهذا الأمر وانطلقا بسيارة إلى تلك
المقبرة و وصلوا مع غروب الشمس ، حيث فتشوا المقبرة بحثاً عن أدلة ، و بعد أن
أصابهم التعب نصبوا خيمة و جلسوا بجانب القبر و أشعلوا بعض الحطب لكي يتدفئوا ، و
قام احدهم بالتقاط بعض الصور للموقع ، و بعدها انطلقوا بالسيارة عائدين للبلدة ، و
في الطريق شاهد الشرطي الذي كان يقود السيارة أضواء من اللهب تلحق بالسيارة من
الخلف ، فأصابه الذعر وانطلق بالسيارة بأقصى سرعة مما أفقده السيطرة عليها فانقلبت
عند المنحدر و بسبب السرعة العالية قذف الشرطي من السيارة و أصطدم بالسياج
حيث قطع رأسه ، أما الشرطي الآخر فقد نجا بجراح خفيفة ، و عندما أفاق الشرطي من
الغيبوبة أخبرهم أن زميله الذي قُتل بالحادث كان قد استهزأ بالقبر و عبث به قبل
وقوع الحادث ، و أنه يعتقد أن ما حصل هو انتقام الشبح منهم .
وبسبب تلك
الحوادث الغريبة و المتكررة لم يعد أحد يعبر الطريق المؤدي للمقبرة ، و بدأ الناس
بنسيان تلك الحوادث الغريبة حتى قرر رجل من البلدة يدعى آرثر لويس أن يقتحم القبر
و يحطمه و يخوض تلك المغامرة الخطرة ساخراً من تحذير الناس له ، و انطلق إلى
المقبرة حاملاً معه مطرقة و أزميل ، و في منتصف الليل دوى صوت صراخ من اتجاه
المقبرة ، و في الصباح توجه الناس للمقبرة و شاهدوا منظر مرعب جداً ، فقد وجدوا
جثة آرثر معلقة عند بوابة المقبرة و قد تم شنقه بسلسلة كانت ملفوفة بالبوابة ، و
قد ظهرت على وجهه علامات الخوف و الهلع و من الواضح أنه كان يحاول الهروب من شيء
يطارده ، و قد وجدت الشرطة المطرقة و الأزميل عند القبر و لكن القبر بقي كما هو .
ضل الرعب
مسيطرا على بلدة بولاسكي ولم ينتهي حتى 1950م عندما قامت شركة للتعدين و التنقيب
بشراء ارض المقبرة ونقل بقايا الأضرحة القديمة و من ضمنها قبر كارل بروت إلى مقبرة
البلدة ..
ربما أرتاح
شبح كارل بعودة قبره إلى مقبرة البلدة حيث دفنت زوجته ، و توقفت تلك الإحداث
الغريبة .
ملاحظة
لا شك أن
المقابر مرعبة وبالذات في الليل لأنه يسودها السكون المريب وهي أماكن مهجورة لهذا
يكون أغلبها مرتع للجن و الأشباح الهائمة ، و كما لاحظت فأن ولاية كنتاكي
الأمريكية مشهورة بالكثير من حوادث و قصص الأشباح و من بينها قصتنا هذه ، و هذا
دليل تأثر سكانها بالفلكلور الشعبي القديم ، و الملاحظ أن الحادثة حصلت عام 1938 م
حيث كانت البلاد في ذلك الوقت على أعتاب الحرب العالمية الثانية و التدهور
الاقتصادي و البطالة و الجهل و في هذا الوسط تكثر الخرافات و ربما تكون لها أصل من
الحقيقة لكن الناس تبالغ بتضخيم الأمور .
المشككون
بهذه القصة ينكرون تلك الحادثة على اعتبار ان ضحايا ذلك الشبح لم يتم تدوين
أسماءهم في سجل الوفيات الخاص بتلك البلدة ، الوحيد الذي وجد اسمه مسجل بتلك
الملفات هو كارل بروت و قد تركت ملاحظة أمام اسمه انه توفي بطلق ناري في رأسه ، و
لكن تاريخ وفاته يختلف عما هو مذكور بالقصة .
ربما حصلت
بعض الوفيات الغامضة و لكن ليس لهذا الحد ، أنا شخصياً اعتقد أن سبب رواج تلك
الأسطورة المرعبة هي شركة التعدين التي جاءت فيما بعد و استولت على ارض المقبرة ..
تعليقات
إرسال تعليق